« خيانة الزوج البرئ !» قصة قصيرة للكاتب علاء عبد العظيم

« خيانة الزوج البرئ !» قصة قصيرة للكاتب علاء عبد العظيم
« خيانة الزوج البرئ !» قصة قصيرة للكاتب علاء عبد العظيم

كانت صدمة مذهلة حقا، حيث فوجئت سنية بأن زوجها محمود يخونها.. فهو آخر رجل في الدنيا كانت تتوقع أن يرتكب مثل هذه الخيانة، فضلا عن أنه أب لولدين وبنت، وله عمله كمحام يستغرق كل نشاطاته في الصباح حين يطوف بدور المحاكم، وفي المساء ينكب على دراسة قضاياه.

 

ومحمود ضعيف البنية، سريع التأثر بتقلبات الجو. يصاب بالبرد والزكام والأنفلوانزا أكثر من مرة في السنة، ودائم التردد على عيادات الأطباء الذين يعالجون أعصابه المتعبة، وصحته الرقيقة المتواضعة.

 

فهو لا يعرف السهرات الحمراء أو البريئة على السواء، وهو في حاجة دائمة إلى من يعني به، وقد كانت سنية تقوم بواجبها نحوه خير قيام. فهي أم أولاده ومربية لهم، وخادمة، وطباخة، وسكرتيرة خاصة لمحمود.

 

وكانا الزوجين يفضلان حياة الهدوء والاستقرار، ولم يبدو على محمود أية رغبة في الانطلاق لحياة مرحة صاخبة.

 

واستطاعت سنية أن تكيف حياتها على هذا النحو الرتيب الذي أراده زوجها.

 

ذهبت سنية إلى أحد المحال الكبيرة لشراء بعض أقمشة تفصلها لأولادها الصغار، وبينما هي تدفع النقود ثمن الأقمشة، وإذ بأحد عمال المحل يسألها عن الستائر الجديدة التي اشتراها زوجها في الأسبوع الماضي.

 

تعاظمت الدهشة تموج انفعالاتها على وجه سنية، فهي تعلم أن زوجها لم يشتر ستائر جديدة، وظنت أن العامل اخطأ، لكنه أكد لها أن الأستاذ محمود اختار بنفسه نوع القماش، واظهر عناية شديدة في اختيار ألوانه.

 

 

سألت سنية صراف المحل عن الستائر التي اشتراها زوجها وقالت له.. أنها لم تصل بعد، فاستأذنها الرجل برهة حتى فحص دفترا أمامه.. ثم قال لها.. أن الستائر أرسلت في يومها باسم زوجها إلى.. وذكر الرجل عنوان مسكن آخر غير مسكن الزوجية.

 

بدأ الشك ينمو ويتفاعل في صدر سنية، وتوجهت في الحال إلى العنوان الجديد، وسألت البواب عن الأستاذ محمود فأخبرها أنه يسكن في الدور الرابع، لكنه لا يأتي إلا مرة أو مرتين في الأسبوع.

 

عادت سنية إلى البيت وهي تفكر فيما حدث، وخطر لها أن تصارح زوجها لعلها تجد عنده تفسيرا مقبولا، ولكن أي تفسير يمكن أن يقال.. وهل ستصدقه.. إن الشك سيظل ينخر في صدرها، وبدأت تتعقبه حتى ضبطته في احد الأيام وهو يدخل مسكنه الجديد، ثم يخرج ومعه راقصة معروفة في عالم المسرح والسينما.

 

انهارت سنية أمام المفاجأة، وجرت إلى صديقة لها تستشيرها، فنصحتها بأن تواجه العاصفة في صمت وسكون، وذهبت إلى أبيها وأمها فنصحاها أيضا بالا تفعل أي شيء من أجل أطفالها، وأن تصرف محمود ما هو إلا مرض جديد أصابه، وسيشفى منه.

 

 

انهارت سنية في بكاء مرير وهما يحاولان تهدئتها ومواساتها حتى اقتنعت أخيرا بضرورة مواجهة الموقف بالعقل والحكمة، والتضحية من أجل أبنائها الثلاثة.

 

عادت سنية إلى بيتها، وانتظرت محمود حتى عاد، وفاتحته في الأمر، وكأنها تحدثه عن أمر عادي وبسيط.

 

 

وقالت له بأنها تعرف بأمر خيانته لها، فأنكر في شدة، أقسم بأغلظ الإيمان أنه برئ من كل هذا حتى كادت أن تصدقه، لكنها عادت وقالت له.. أنها تعرف أن له بيت آخر، فأنكر ولكن بدأ عليه بعض مظاهر الانزعاج، ثم ضربت سنية ضربتها الأخيرة حين قالت له في هدوء.. أنها تعرف عنوان البيت، وذكرته، وتعرف صديقته الراقصة، وذكرت اسمها، وتعرف انه اشترى لها ستائر جديدة للبيت، وذكرت الثمن الذي دفعه..

 

 

ثار محمود في غضب هائل، وكأنه المجني عليه، واتهم سنية بالرعونة، والخروج عن الأخلاق لأنها خرجت إلى الشوارع تتعقبه، والسيدات المحافظات لا يفعلن شيئا من هذا، وأقسم أنه لم يعش مع امرأة غير محافظة، تطوف بالبيوت وتسأل الخدم، والبوابين عن عناوين الجرسونيرات.

وختم محمود مرافعته بالطلاق.

 

ولما عادت سنية من جديد، بعد أن تدخل الأهل والأصدقاء كي يتم الصلح.. عادت إليه وهي معتذرة عما ارتكبته من خطأ في حق زوجها المجني عليه.